يبدو أن الكرة المصرية قد فقدت فرصة أخرى لرؤية صلاح الجديد، وذلك بعدما أعلن الزمالك إلغاء المفاوضات مع سانت إيتيان بشأن مصطفى محمد، وذلك بعد اتهامات لمسؤولي القلعة البيضاء بطلب العمولات من أجل الموافقة على رحيل اللاعب، من جانب رولاند رومير، رئيس نادي سانت إتيان ، خلال تصريحاته عبر برنامج ” نمبر وان” الذي يقدمه الإعلامي عمر ربيع ياسين على قناة النهار.
تلك التصريحات والاتهامات الحادة، جعلت نادي الزمالك يعلن في بيان رسمي، إلغاء المفاوضات مع النادي الفرنسي بشأن صفقة مصطفى محمد.
فهذا كل ما في الأمر، مداخلة من خلال برنامج رياضي، تسببت في انتهاء حلم مصطفى محمد بخوض تجربة الاحتراف في سانت إيتيان، خلال يناير الجاري.
فهل هذا هو تأثير الإعلام الرياضي لتطوير الكرة المصرية، من خلال خروج العديد من اللاعبين للاحتراف الخارجي.
هنا انتهت تجربة رؤية صلاح جديد في الملاعب الأوروبية، والحديث هنا ليس عن تجربة مصطفى محمد فقط، ولكن الحديث عن كل مواهب الأندية المصرية، خلال الفترة الماضية.
تعد طريقة تعامل الإعلام الرياضي مع اللاعبين المصريين، واحدة لا تتغير، خاصة مع المواهب الواعدة، فما بين التمجيد في الإمكانيات ما يجعل اللاعب يرى نفسه في مكانة لا يستحقها، تجعله في نهاية المطاف مٌشتت التركيز، ويصبح مستواه أقل مما قبل، مرورًا بإشعال فتيل مقارنات غير حقيقية بين نجوم الأهلي والزمالك، فهكذا نعهد دائرة حياة الإعلام الرياضي في مصر.
النجاح خارج دائرة الضوء
إذا كنت تريد إجابة على سؤال من هو أنجح لاعب مصر في أوروبا، بالطبع الإجابة معروفة، هو محمد صلاح، من يليه قد يكون محمد النني، والذي يلعب بصفوف أحد أكبر الأندية الإنجليزية منذ 5 سنوات.
هذا الثنائي خرج من المقاولون العرب، حيث لا جماهير، ولا تسليط ضوء شديد من الإعلام، فمن كان يتابع أخبار محمد صلاح حين رحل إلى بازل، فلم يتابعه أحد إلى حين توهجه الشديد مع فيورنتينا، وكان وقتها قد اكتسب خبرته الأوروبية بالفعل خارج مصر.
وبكل تأكيد، كان ذلك التجاهل الإعلامي وعدم التركيز الشديد معه، هو مفتاح تألق صلاح خارج مصر، فمن حُسن حظ الفرعون المصري أنه من ناشئي المقاولون العرب، ليس مولودًا في ميت عقبة، ولا من أبناء هو من أبناء النادي في الجزيرة.
انتهاء حلم صلاح الجديد
إذا قمنا بمراجعة قائمة اللاعبين الذين خرجوا إلى أوروبا خلال السنوات الماضية، وعادوا مرة أخرى، ستطول القائمة وسنجد الكثير من الأسماء التي نتحدث عنها، ولكن بالحديث عن بعض النماذج سنرى بالفعل تأثير الإعلام الرياضي.
ماذا قدم رمضان صبحي مع ستوك سيتي؟!.. لماذا لم يستمر محمد إبراهيم في الدوري البرتغالي؟!.
لم يقدموا شيئًا.. احترفوا وعادوا مرة أخرى، بالطبع لن يكون الإعلام الرياضي هو السبب الوحيد في انتهاء تلك التجارب، ولكنه لديه نصيب كبير في بناء عقلية اللاعبين المصريين، خاصة في بداية مشوارهم الكروي مع الأهلي أو الزمالك.
إذ تبدأ منصاب الإعلام الرياضي أن تنهال بعبارات الإشادة على اللاعب مجرد أن يبدأ خوض مبارياته الأولى مع الفريق وتقديم مستوى جيد نوعًا مع إظهار بعض المهارات الفردية.
هنا تبدأ الأصوات تقول أن هناك ميسي جديد ظهر في مصر، وأن هذا اللاعب هو خليفة رونالدو في خط الهجوم، وهذا هو من سينافس على لقب هداف الدوري الإنجليزي.
تلك العبارات لا تؤدي في النهاية إلا لبناء عقلية هشة للاعب يرى أنه بالفعل، قد وصل إلى قمة المجد ولابد أن يتم معاملته مثل النجوم الكبار، سواء داخل أو خارج مصر.
وذلك هو ما يؤدي سريعًا إلى ابتعاد تركيز اللاعب عن الملعب، وعن مهمته الرئيسية، ثم يتدهور مستواه تدريجيًا ليصبح لاعبًا عاديًا في إحدى أندية منتصف الجدول.
ولكن إذا ما استمر اللاعب في التألق، وتأتي فرصة الظهور في أحد الأندية الأوروبية، فإذا ما كنت عقليته هشة كما هي، سيتوقع أن يعامله ناديه الأوروبي كأنه نجم الفريق الأوحد، وهو بالطبع ما لم يجده اللاعب هناك منذ يومه الأول.
وبالتالي سيجد اللاعب نفسه خارج دائرة الضوء التي تعود عليها في مصر، لاعب بمثل تلك العقلية سيفضل العودة مرة أخرى إلى أحضان إعلام يقدم له الإشادة المستمرة مهما كان مستواه.
وبتلك الطريقة، تنتهي قصص احتراف المواهب المصرية في أوروبا سريعًا، ولن نرى صلاح الجديد مطلقًا.