سأبدأ قصّتي باعتراف، لا توجد أشياء كثيرة تزعجني، لكن إن كان هناك شيء واحد فقط يزعجني، فهي فكرة أنّ قصتي هي قصة خيالية في كرة القدم
لم أحصل على عصا سحريّة تغيّر مسار حياتي، لم أفز ببطاقة يانصيب كي أحصل على مكانة في واحد من أكبر أندية العالم، سبب كوني لاعب لليفربول هو نفس السبب وراء حملي لشارة قيادة منتخب بلادي
لقد عملت ليلَ نهار كي أصل لما وصلت إليه، تمكّنت من تحقيق أقصى استفادة من الموهبة التي أمتلكها
هل هذا شيء مهم؟ لا، ليس لي، ولا حتى لعائلتي، هو مهم للّه الذي لا ينسى أحد
مهم للأطفال الذين يكافحون كي يقنعوا الناس بموهبتهم، بأنهم يستحقون ولو فرصة واحدة، للأطفال الذين لا يحتاجون إلّا لاستراحة كي يصلوا للمكانة التي يستحقوها
لأولئك الأطفال الذين وصلوا لحد اليأس عندما آمنوا أن لا شيء سينقذ مسيرتهم إلّا حكاية خيالية
لم أكن أرغب يومًا في أن أكون صبي الملصقات، الصبي الذي يوزّع أحاديث في التنمية البشرية، لكن إن كان يتحتّم علي أن أكون ذلك الصبي ولو لمرة واحدة، فسيكون لدي شيء واحد لأقوله
“إذا لم تستسلم، إذا واصلت الإيمان بنفسك وقدراتك عندما يبدأ الآخرون بالتشكيك بك، ستفعلها، ستظهر لهم أنك جيد بما يكفي.”
واحدة من أفضل الأمور حول كرة القدم أن هناك الكثير من اللاعبين مثلي، وصلوا للقمة بعد عناء، فريقي ليفربول يعج بهكذا نماذج
فيرجيل فان دايك على سبيل المثال، افضل قلب دفاع في العالم، كم مدرّب وكشّاف شاهدوه وظنّوا أنه لا يصلح للعب كرة القدم في أعلى المستويات؟ سيخبرك بنفسه عن وجود الكثيرين ممّن ظنّوا ذلك
محمد صلاح، واحد من أفضل من ينهون الهجمات في العالم حاليًا، ذات مرّة لم يكن جيد بما يكفي للّعب في فريق مختلف في البريميرليج
الأمر نفسه ينطبق علينا، كفريق، كليفربول، نحن وصلنا للمكان الذي نحن فيه الآن بسبب إيماننا بأخلاقيات كرة القدم، بسبب التزامنا ومثابرتنا، إيماننا بأن كل شيء قابل للحدوث
لهذا السبب كنّا قادرين على العودة بعد التأخّر بثلاثية نظيفة أمام فريق عظيم كبرشلونة
لم ننتظر لأن يلعب القدر لعبته ثم نأمل أن يخدمنا، نحن أجبرناه على أن يقف في صفنا
حتّى أفضل لاعب رأته عيناه، ليونيل ميسي، لم يكن قادرًا على احباط عزيمتنا
ربّما كان الكثيرون من خارج ليفربول لا يؤمنون بقدرتنا على العودة، ولأكن صادق، لهم أسبابهم المقنعة، خاصة بعد أن تم ركلنا في الكامب نو
لكن، أتصدق؟ كان هناك شيء ما في تلك المباراة، شيء جعلنا نؤمن أن بمقدورنا أن ننافس برشلونة، المشكلة في ذلك اللقاء أن جميع اللحظات الحاسمة وقفت ضدّنا
آمنا أن بوجود الآنفيلد خلفنا، تلك اللحظات التي وقفت ضدّنا، ستخضع لنا
لو كنت من نوعية الناس العاطفيين، لشعرت بالشفقة على الخصوم الذين يأتون للآنفيلد في الليالي الأوروبية، ما يواجهونه هو شيء غير عادل ببساطة
ذلك المزيج من العاطفة والشغف والتاريخ، ذلك الإيمان الذي لا يتزحزح، جحيم
هذا هو السبب الذي دفع ليفربول للتغلّب على الصعوبات فيما مضى، هذا هو السبب وراء ظهور مناصرينا مؤمنين، مقتنعين، بأن المستحيل ممكن، لقد شاهدوا ذلك من قبل، فلماذا لا يتوقّعونه الآن؟
علمنا أن لدينا فرصة أمام برشلونة عندما كنّا على حافة الخروج من غرف خلع الملابس، علمنا أن المدرب يؤمن بنا لأنه أخبرنا بذلك، علمنا أن المشجعين يؤمنون بنا لأننا سمعنا أصوات أهازيجهم، يا إلهي
الأهم من كل ذلك، أننا آمنا بأنفسنا، وكل منّا كان يؤمن بزميله
لهذا السبب، عندما سجل أوريجي في الدقيقة 7، لم أؤمن فحسب، بل كنت أعلم، كنت على علم بأن العودة قادمة، الجماهير اشعلتنا، جوعنا وغضبنا كان في مستوى آخر
لم يكن من السهل أن نشعر بالإيمان عندما تلقّينا الهدف الثالث وقام ميسي بنثر سحره في الذهاب
بعد تلك المباراة، أتى المدرّب كلوب لغرفة خلع الملابس، إبتسامته التجارية تكسو محيّاه، ثم قال
“يا أولاد، يا أولاد، نحن لسنا أفضل فريق في العالم، الآن أنتم تعلمون ذلك، ربّما هم (برشلونة) أفضل فريق في العالم، لكن من يهتم؟ من يهتم؟ لا زال بإمكاننا هزم أفضل فريق في العالم.”
ربّما احتجت ثانية واحدة، أو طوال رحلة العودة لليفربول، كي أؤمن بما قاله، كل شيء بدأ من تلك الكلمات، المدرّب أشعل الحافز بداخلنا، وجماهير الآنفيلد أكملت القصة
أتذكر عندما كنّا نجري عمليات الإحماء، الملعب كان يغلي، هذا ما كنا نشعر به، فما بالك بلاعبي برشلونة؟ الله وحده يعلم كيف كان حالهم
عندما سجل أوريجي، رأينا الخوف في أعينهم، الجماهير كادت تُجن، لم يكن بمقدوري سماع أي شيء، فقط أرى فيرخيل وهيندرسون يُحفّزوننا ويلوّحون للجماهير
أنا أندي روبيرتسون.. نشأت في عائلة تعشق سيلتيك، لعبت للنادي في الفئات السنية، أتنقّل بين الوسط والدفاع، في النهاية جلبوا مدير رياضي جديد، لسببٍ ما لم أكن ضمن خططه
كنت في الخامسة عشر من عمري، على بعد عام واحد فقط من الحصول على عقد إحترافي، لكنهم أخبروني أنهم لا يريدوني بعد اليوم، رحلتي معهم إنتهت
تلك اللحظات كانت مؤلمة، مؤلمة كالجحيم
أمي كانت تكره رؤيتنا نبكي، ولا زالت كذلك، لكنها كانت بوضوح ترى دموعي على الخدّين في ذلك اليوم
تلك اللحظات كانت الأسوأ في حياتي
لكن لحسن حظي، عائلتي كانت في ظهري، تدعمني لتحقيق حلمي، حتى عندما ظننا أنه من غير الواقعي الإستمرار في مطاردة ذلك الحلم اللعين
في 2010، قررنا الذهاب لكوينز بارك، نادٍ صغير في جلاسكو، كان نادي للطبقة العاملة، اللاعبين يأتون من وظائفهم الرسمية للعب كرة القدم، لم أكن مختلفًا عنهم
جرّبت مختلف أنواع الوظائف، عملت على عربات، عملت في الهامبدن بارك خلال مباريات اسكتلندا
والداي أخبراني أني إذا لم أبدأ في العثور على مكان حقيقي في أحد الأندية، من الأفضل لي أن أنظر في خيارات الدراسة
الناس يسألوني عن ضغط اللعب لليفربول، نعم هناك ضغط، ثم هناك ضغط اللعب من أجل حياتك، وصدقوني، هو أصعب بكثير
داندي يونايتد تحدّثوا معي بعد بضع سنوات من ترك كوينز بارك، هذا ما سمح لي بالتدرّب كل يوم وجمع المال الذي يغنيني عن البيع على العربات، لكن أتدري، تلك الأيام ساعدتني على معرفة ما يقوم به الناس كل يوم، بعيدًا عن فقاعة كرة القدم
عندما حصلت على فرصة اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز مع هال سيتي عام 2014، كنت قد عشت ما يكفي من حياة الناس الحقيقية
بعدما خضت الكثير في الحياة، لم أكن أظن أني سألعب في دوري الأبطال يومًا ما، خصوصًا مع ليفربول
الأمر مضحك قليلًا
عندما كنت في العطلة بعد نهاية الموسم مع هال سيتي، عام 2017، العديد من الأندية تحدّثوا معي، لم أكن مهتمًا، كنت أحضّر لوصول مولودي الأول
ثم تحدّثوا معي ليفربول، ليفربول….
عندما تسمع عن رغبة ليفربول بضمك، تتحدث مع موكّلك كل 5 ثواني، 5 ثواني بعدما أعربوا عن رغبتهم بضمك، لم يكن بإمكاني أن أوقع على العقد بصورة أسرع من التي حدثت
أنا الآن أقف في هذا المكان المقدس، المكان الذي تدرب فيه كينج كيني وجيرارد، وها أنا ذا، فتى من جلاسكو، أقف أمام طاقم ليفربول الطبي
جماهيرنا مدهشة، أتذكر بعد خسارتنا في كييف أمام ريال مدريد، الصمت كان يعم أرجاء غرفة خلع الملابس، ثم سمعناهم يرددون “لن تمشي وحدك أبدًا.”
لم نعش ليلة أصعب من تلك، لكنهم جعلوها هيّنة، الآن عدنا مرةً أخرى
لعب النهائيات يشكل لك صداع، من الجيد أن نحظى بصداع آخر هذا العام، لا أحد يستحق ذلك أكثر من مشجعينا، أولئك الذين دعمونا خلال أوقات الحسرة والفوز
إن تحقق الحلم، لن يكون ذلك وليد الصدفة، ولن يكون بسبب قصّة خياليّة
بل سيكون لأننا نستحق ذلك
– أندي روبيرتسون